ظاهرة رينود (RP)
- هي حالة تنقبض وتضيق فيها بعض الأوعية الدموية في الجسم بطريقة مبالغ فيها استجابة للبرد أو الإجهاد العاطفي، وغالبا ما يصيب ذلك الأوعية الدموية في أصابع اليدين والقدمين.
- عادة ما تنقبض الأوعية الدموية التي تمد الجلد بالدم أو تضيق استجابة لدرجات الحرارة الباردة. هذا التفاعل المسمى "ضيق الأوعية" يقلل من تدفق الدم إلى الجلد، مما يساعد على تقليل فقدان الحرارة من الدم الدافئ وبالتالي الحفاظ على درجة حرارة طبيعية داخلية أو "أساسية".
- في درجات الحرارة الدافئة، تتمدد هذه الأوعية الدموية نفسها أو تتسع، مما يزيد من تدفق الدم إلى سطح الجلد، مما يسمح للحرارة بمغادرة الجسم، ويحافظ على درجة حرارة الجسم الأساسية من الارتفاع إلى مستوى خطير.
- تسمى الأوعية الدموية الموجودة في الجلد التي تتفاعل مع التغيرات في درجات الحرارة بأوعية "تنظيم الحرارة". يتم التحكم فيها بشكل أساسي من قبل الجهاز العصبي الودي، وهو نفس النظام الذي يتفاعل عندما نشعر بالتوتر أو الانزعاج العاطفي. وهذا يفسر سبب تسبب كل من البرودة والضغط النفسي في ضيق الأوعية الدموية في هذه الأوعية الدموية، مما يتسبب في برودة أصابع اليدين والقدمين.
- ومع ذلك، فإن التحكم في أوعية التنظيم الحراري معقد، وتوجد عوامل أخرى تنظم استجابتها لدرجات الحرارة الباردة أو الدافئة. وتشمل هذه المستقبلات العصبية في الجلد التي تستشعر درجة الحرارة فى الجو المحيط (على سبيل المثال، عندما يلمس جسم بارد الجلد) وكذلك الجزيئات التي تنتجها الخلايا التي تبطن جدران الأوعية الدموية (التي تضيق أو توسع الأوعية الدموية وتغير تدفق الدم إلى الجلد). نتيجة لذلك، يمكن أن تحدث برودة اليدين والقدمين بشكل طبيعي بعد تعرض الشخص لدرجة حرارة باردة محلية تلامس الجلد، أو درجة حرارة البيئة الباردة التي تقشعر الجسم بالكامل، أو زيادة النشاط الودي من الإجهاد العاطفي.
- وفيما يخص التفسير العلمي لظاهرة رينود، فإنه يعتقد أن الآليات التي تتحكم في ضيق الأوعية قد تغيرت أو حدث بها بعض الخلل. وبالتالي فإن الأوعية الدموية تتقلص بشكل مبالغ فيه استجابة للبرد والضغط النفسي أو الجسدي، مما يتسبب فيما يسمى ظاهرة رينود أو هجوم رينود.
- هناك ثلاث مراحل من الحدث تتمثل في تغيرات لون البشرة. أولا، يؤدي ضيق الأوعية الشديد إلى تقليل تدفق الدم إلى الجلد في المناطق المتأثرة مما يتسبب في إحساس سطح الجلد بالبرودة عند لمسه ويصير لونه أبيض. يرجع اللون الأبيض الشاحب إلى عدم تدفق الدم إلى الجلد تقريبا وقد يتحول الجلد إلى لون أزرق أرجواني (يسمى زراق). بعد تعافى الوعاء بالكامل، يتمدد، مما يسمح باستئناف تدفق الدم؛ فقد يحمر الجلد، ويصبح ورديا جدا أو أحمر.
العوامل التي تزيد من احتمالية الإصابة بظاهرة رينود:
يقدر أن ظاهرة رينود تؤثر على 3 إلى 5 في المائة من عامة السكان
1- مرض رينود الأساسي الأولي:
- ويقصد بذلك إصابة المريض بمرض رينود الغير مصاحب بأمراض أخرى. ولا يوجد ما يوضح السبب الكامن وراء حساسية الأوعية الدموية للبرد، وقد يكون المرض سمة عائلية، مما يشير إلى أن واحدا أو أكثر من الجينات التي تنظم تدفق الدم في الجلد قد يكون مسؤولا عن ذلك.
- يمثل رينود الأساسي غالبية الحالات وهو أكثر شيوعا بين النساء والفئات العمرية الأصغر (أي الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 30 عاما) وأفراد أسر الأشخاص المصابين بـه .
- ولحسن الحظ، فإنه لا ينتج حدوث إعاقة لمعظم الأشخاص المصابون ويستجيبون جيدا للعلاج. وغالبا ما يتحسن المرض بمرور الوقت، ويتعلم الأشخاص المصابون تجنب بعض الأسباب قدر الإمكان أو مواجهة محفزات البرد و المحفزات العاطفية.
2- مرض رينود الثانوي:
- يصنف الأشخاص المصابون بمرض أساسي أو سبب محدد للظاهرة على أنهم مصابون بـرينود ثانوي. هناك عدة أسباب معروفة تسبب رينود الثانوي. مثل أمراض المناعة الذاتية الروماتيزمية، كتصلب الجلد أو الذئبة الحمراء، والتي تمثل سببا شائعا. تسبب هذه الأمراض إصابة ثانوية تؤثر على الأوعية الدموية، ونتيجة لذلك، تؤثر الإصابة على كيفية تفاعلها مع المنبهات مثل البرد والضغط.
- يمكن أن يكون التحكم في رينود الثانوي أكثر صعوبة من رينود الأساسي لأنه مرتبط بحالة أساسية يمكن أن تلحق الضرر الجسدي بالأوعية الدموية. ومن المرجح أن يحتاج الأشخاص المصابون بالرينود الثانوي إلى الأدوية للتحكم في أعراضهم.
أسباب ظاهرة رينود
- يعتبر التحكم الطبيعي في استجابات الأوعية الدموية للبرودة والمحفزات الأخرى معقد نوعا ما، حيث يشمل هذا التحكم الجهاز العصبي المركزي والأعصاب الحسية المحيطية والمواد الكيميائية التي يتم إطلاقها بواسطة الخلايا المنتشرة أو من البطانة الداخلية للأوعية الدموية نفسها. تحدث ظاهرة رينود (RP) عندما يتم تعطيل نظام التحكم المعقد والحساس كما تم وصفه، مما يغير الاستجابات الطبيعية للبيئة المحيطة.
- يمكن أن ينشط مرض رينود عن طريق التعرض لدرجة الحرارة الباردة أو حتى عن طريق التحول في درجة الحرارة من دافئة إلى باردة. ونتيجة لذلك، قد يؤدي التعرض للبرودة المعتدلة، مثل تلك الناجمة عن تكييف الهواء أو برودة قسم الطعام المبرد في محل بقالة إلى حدوث نوبة نشاط لظاهرة رينود. كما يمكن أن يؤدي الشعور بقشعريرة عامة في الجسم إلى حدوث نوبة، حتى لو كانت اليدين والقدمين دافئين. يمكن أن يتسبب الشعور بالتوتر العاطفي والذهول في حدوث نوبة نشاط لظاهرة رينود بسبب إطلاق المواد العصبية الناقلة ؛ تعمل هذه المواد على تنشيط بروتينات معينة في الأوعية الدموية، والتي تؤدي إلى ضيق (انقباض) الأوعية الدموية.
أعراض ظاهرة رينود
- تؤثر نوبة رينود على الأوعية الدموية في الأصابع في أغلب الأحيان. وتصبح أصابع اليدين أو (أصابع القدم) باردة فجأة مع انقباض الأوعية الدموية، فيتغير لون الجلد بشكل ملحوظ وقد يصبح شاحبا "أبيض" أو لون أرجواني أو أزرق .
- وعادة ما تبدأ النوبة بإصبع واحد ثم تنتشر إلى أصابع أخرى في كلتا اليدين. غالبا ما يؤثر اللون المتغير على الإصبع كله من طرف إلى آخر. وتعد إصابة إصبع السبابة والوسطى والبنصر هي الأكثر شيوعا، بينما لا يتأثر الإبهام في أغلب الحالات.
- يمكن أن تسبب النوبة شعورا بعدم الراحة، بما في ذلك الشعور "بالوخز ، أو الألم، أو التنميل. يحدث الشعور بالألم الحقيقي في كثير من الأحيان في مرض رينود الثانوي أكثر من مرض رينود الأولي وينتج ذلك عن فقدان تدفق الدم إلى الأنسجة لفترة طويلة في رينود الثانوي.
- يمكن أيضا أن تتأثر الأوعية الدموية التي تغذي الأذنين والأنف والوجه والركبتين والحلمات، وقد يصبح الجلد في هذه المناطق شاحبا أو مزرق اللون بعد التعرض للبرد. قد يظهر أيضا تبقع (تلون مزرق) في جلد الذراعين والساقين. كما أن النوبات قد تصيب أصابع القدم بشكل شائع، وبالرغم من ذلك فإن شكوى المرضى من ألم أصابع القدم أقل من أصابع اليد.
- تتلاشى الأعراض مع إزالة العامل المثير (البرد أو الإجهاد) بمغادرة المنطقة الباردة وإعادة التدفئة، ومع استئناف تدفق الدم الطبيعي، "يحمر" الجلد أو يصبح ورديا ويزول اللون الغير طبيعي في غضون 15 إلى 20 دقيقة من إزالة العامل المؤثر، و قد يعاني الشخص من انزعاج خفيف خلال تلك الفترة.
- قد يعاني الأشخاص المصابون بظاهرة رينود الثانوية الشديدة أحيانا من انخفاض خطير في تدفق الدم لا يتحسن حتى بعد إزالة العامل المؤثرأو البرد. هذا بسبب الضرر الأساسي للأوعية الدموية أو التغيرات التي لا رجعة فيها مثل انسداد الوعاء الذي يعيق تدفق الدم. يمكن أن ينتج عن ذلك ألم وتقرح في الجلد (عادة على أطراف أصابع اليدين والقدمين). وفي الحالات الشديدة، يمكن أن تحدث إصابة الأنسجة العميقة التي يمكن أن تؤدي إلى فقدان أطراف الأصابع لدى بعض الأشخاص المصابين بمرض وعائي ثانوي مثل التهاب المفاصل الروماتويدي.
التشخيص
- يتم تشخيص ظاهرة رينود بناء على وصف الشخص لنوبة نموذجية بعد التعرض للبرد. ومن خلال طرح الأسئلة، يمكن للطبيب عادة معرفة ما إذا كان ذلك ظاهرة رينو أو حالة أخرى أكثر شيوعا تسبب برودة اليدين أو القدمين. ومن المهم للغاية أن يكون لديك تقييم كامل من قبل الطبيب لتحديد ما إذا كان السبب هو ظاهرة رينود وتحديد إذا كانت أولية أو ثانوية، ويتطلب ذلك تاريخا جيدا وفحصا جسديا واختبارات معملية قد تشمل اختبارات الدم، وفي بعض الأحيان، دراسات خاصة للأوعية الدموية ووظائفها.
علاج ظاهرة رينود
هناك العديد من الإجراءات البسيطة التي يمكن أن تقلل من تكرار هجمات رينود. يمكن أيضا استخدام الأدوية للمساعدة في السيطرة على الأعراض.
- تجنب التعرض المفاجئ للبرد، استخدم استراتيجيات للحفاظ على دفء الجسم بالكامل وتجنب التغير السريع في درجات الحرارة والنسائم الباردة والظروف الباردة الرطبة. ويشمل ذلك ارتداء الملابس الدافئة، وارتداء طبقات الملابس مثل الملابس الداخلية الحرارية، وارتداء قبعة، واستخدام القفازات.
- المساعدة في إنهاء النوبة: تشمل الطرق وضع اليدين تحت الماء الدافئ أو في مكان دافئ (مثل الإبطين) .
- تجنب التدخين، حيث أن النيكوتين والمواد الكيميائية الأخرى الموجودة في السجائر قد تتسبب في انقباض الأوعية الدموية مما قد يؤدي إلى تفاقم ظاهرة رينود.
- تجنب الأدوية التي تسبب ضيق الأوعية الدموية، تشمل هذه الأدوية مزيلات الاحتقان التي تحتوي على فينيليفرين أو السودوإيفيدرين، والأمفيتامينات الأخرى، وحبوب التخسيس، وبعض علاجات الصداع النصفي التي تحتوي على الإرجوتامين، والأعشاب التي تحتوي على الإفيدرا، والأدوية المستخدمة لعلاج اضطراب نقص الانتباه مثل ميثيلفينيديت، ديكستروأمفيتامين أمفيتامين، وأتوموكسيتين.
- تقليل التوتر، قلل من التوتر واستخدم تقنيات الاسترخاء لتقليل القلق.
2- الأدوية التي يمكن استخدامها للعلاج:
- إذا لم تكن التدابير المذكورة أعلاه كافية، فقد يوصى باستخدام الأدوية. وتعمل الأدوية المستخدمة في علاج التهاب المفاصل الروماتويدي عن طريق فتح (توسيع) الأوعية المنظمة للحرارة.
- الأدوية التي تسمى حاصرات قنوات الكالسيوم هي الأكثر استخداما. يتم تناولها يوميا ويمكن أن تقلل من تكرار وشدة هجمات رينود.
- ظاهرة رينود الثانوية، قد تتطلب ظاهرة رينود الثانوية استخدام أدوية أشد وأقوي من رينود الأولي. وقد يحتاج معظم المرضى إلى دواء لتقليل تكرار النوبات ومنع إصابة جلد أصابع اليدين والقدمين. وتختلف الاستجابة للأدوية في مرض رينود الثانوي بشكل كبير اعتمادا على السبب الأساسي وشدة التلف في الأوعية الدموية.
- ويتمثل الهدف الأكثر أهمية في العلاج هو العلاج الموجه إلى السبب الأساسي أو العامل المشدد (على سبيل المثال، إيقاف الدواء إذا كان هذا هو سبب ضيق الأوعية). كما تمت دراسة العديد من الأدوية للأشخاص الذين لا يستجيبون لحاصرات قنوات الكالسيوم وتشمل هذه النترات (النتروجليسرين الموضعي)، أو مثبطات الفوسفوديستيراز (السيلدينافيل)، أو البروستاجلاندين (البروستاجلاندين). كما يمكن أيضا استخدام توكسين البوتولينوم (الاسم التجاري: البوتوكس) المحقون محليا في قاعدة الأصابع، ولكن استخدام توكسين البوتولينوم في ظاهرة رينود يحتاج إلى مزيد من الدراسة.
- قد تكون هناك حاجة إلى دخول المستشفى إذا لم يتم السيطرة على النوبة لظاهرة رينود أوإذا كان تدفق الدم مقيدا بشكل خطير ويهدد بفقدان إصبع أو إصبع القدم. يتطلب العلاج في هذه الحالة أدوية إضافية لتوسيع الأوعية الدموية وتحسين تدفق الدم ومنع إصابة الأنسجة أو التقرحات.
- كما يمكن استخدام الجراحة في بعض الحالات لقطع الأعصاب المسئولة عن ضييق الأوعية الدموية والموجودة في قاعدة الإصبع مما يؤدي إلى إصلاح انسداد الأوعية الدموية التي تغذي المنطقة المصابة.
- في حالات نادرة، قد يكون العلاج غير فعال في عكس ضيق الأوعية مما قد يؤدي إلى تقرح (تكسر) الجلد.
- فإذا فشلت جميع العلاجات الأخرى وإذا حدثت إصابة عميقة في الأنسجة بسبب نقص تدفق الدم، فقد يكون من الضروري البتر الجراحي للإصبع أو إصبع القدم المصاب.