بدائل السكر الصناعي عدو أم صديق؟
- بدائل السكر، كان المقصود منها في الأصل تقليل المخاطر الصحية، ولكن بعضها قد يعيث فسادًا في الميكروبات المعوية أو يتسبب فى أضرار آخرى
- تم استخدام بدائل السكر التجارية منذ أواخر القرن التاسع عشر عندما تم تطوير السكرين عن مصادفة بواسطة كيميائي في جامعة جونز هوبكنز. وبسبب تقنين السكر على نطاق واسع خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية، زادت شعبية السكرين.
- في الآونة الأخيرة، وافقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية على ستة محليات اصطناعية غير غذائية باعتبارها "آمنة بشكل عام": السكرين، والأسبارتام، والسكرالوز، والنيوتام، والأسيسولفام-ك، والستيفيا.
- العديد من كحوليات السكر (أنواع الكربوهيدرات المشتقة من الفواكه والخضروات) والمحليات الطبيعية منخفضة السعرات الحرارية المستخرجة من فاكهة الراهب وجذر العرقسوس ومصادر أخرى قد أدت إلى اغراق السوق بتلك المنتجات.
- ومع النمو المطرد لمعدلات السمنة، ومرض السكري من النوع الثاني، ومتلازمة التمثيل الغذائي ومقاومة الأنسولين، تحول المستهلكون بشكل متزايد إلى المحليات الاصطناعية كبدائل أكثر صحة للسكر، ولكن الأبحاث الجارية تشير إلى أن بعض هذه المنتجات قد لا تكون آمنة كما كان يعتقد في البداية.
بدائل السكر قد تحدث تغيرات فى تركيبة الكائنات الدقيقة بالأمعاء المعروفة بالميكروبيوم:
- بدأ الباحثون في توضيح المسارات التي يمكن أن يؤثر بها النظام الغذائي، مع عدة عوامل آخرى، سلبًا على ميكروبات الأمعاء ويسبب التهابًا مزمنًا. وقد ربطت بعض الأبحاث الاستخدام الواسع النطاق لبدائل السكر بهذه العملية، والتي يمكن أن تؤدي في النهاية إلى تطور العديد من الحالات المرضية المسببة للالتهابات.
- وعلى الرغم من أن بعض بدائل السكر ليس لها أي مخاوف ملحوظة، فقد ثبت أن البعض الآخر يعزز الخلل فى توازن تركيبة الكائنات الدقيقة المعوي، مما يسبب التهابًا مزمنًا منخفض الدرجة ويساهم في مقاومة الأنسولين وزيادة نفاذية الأمعاء. وقد ربطت نتائج أخرى استخدامها مع زيادة طفرات بكتريا الإشريكية القولونية وما يصاحب ذلك من زيادة معدلات مقاومة المضادات الحيوية.
- فقد وجدت إحدى الدراسات أن المحليات الصناعية الخالية من السعرات الحرارية، بما في ذلك السكرين والسكرالوز، ساهمت في اختلال التوازن المعوي للكائنات الدقيقة وضعف التحكم في نسبة السكر في الدم حتى في التجارب قصيرة المدى مع المشاركين الأصحاء الذين لم يستخدموا مثل هذه المحليات من قبل. وهذا أمر مثير للقلق بشكل خاص، نظرًا لأن هذه المنتجات غالبًا ما يستخدمها من يسعون إلى تقليل تناولهم للسكر لتحسين التحكم في نسبة السكر في الدم.
- السكرالوز المتاح تجاريًا يحتوي على السكرالوز والمالتوديكسترين وهما يرتبطان بانخفاض كبير في الميكروبات المفيدة في أمعاء الفئران. وقد ثبت أن السكرالوز وحده يقلل من وجود البكتيريا المعوية وتخليق الأحماض الأمينية ويزيد الالتهاب في الحيوانات.
- كما أن خلات السكرالوز -6، وهى وسيط السكرالوز الموجود في العينات التجارية، اكتشف الباحثون مؤخرًا أنها سامة للجينات. حيث تبين أن التعرض لدى الفئران يؤدي إلى كسر خيوط الحمض النووي، في حين أن التعرض لدى البشر يزيد بشكل كبير من التعبير عن الجينات المرتبطة بالالتهاب والإجهاد التأكسدي والسرطان. ومن المعروف أيضًا أن السكرالوز يعبر المشيمة وينتقل إلى حليب الثدي. ويرتبط وجود السكرالوز في النظام الغذائي للأمهات الحوامل والمرضعات بزيادة أنواع بكتيريا الميثانوبريفيباكتر، والتي ترتبط بالسمنة لدى الأطفال.
- استخدام السكرين أدى أيضًا إلى مخاوف بشأن تأثيره على الميكروبيوم وصحة الجهاز الهضمي حيث لا يزال التعرض للسكرين مرتبطًا بتغير ميكروبات الأمعاء وضعف استجابة بطانة الأمعاء.
بدائل السكر التي تؤثر بشكل إيجابي على ميكروبيوم الأمعاء:
- يُستخدم الجليسيرهيزين، وهو مستخلص من جذر نبات العرقسوس، منذ فترة طويلة في الطب الشرقي لخصائصه المضادة للميكروبات. وهو متاح للاستخدام التجاري كمحلي وكمكمل. كما ثبت أن الجليسرهيزين له فوائد مضادة للسرطان، ومضادة للالتهابات، ومضادة للفيروسات، ومضادات الأكسدة، ومفيدة للكبد، وربما يعمل أيضا على زيادة البكتيريا الواقية في الأمعاء مع الاستخدام المنتظم أقل من 100 ملغ يوميًا. ومع ذلك، وقد يكون استخدام الجليسيرهيزين محدودًا بسبب طعمه القوي وميله إلى إحداث ارتفاع ضغط الدم لدى أولئك الذين يستخدمون بانتظام 100 ملغ أو أكثر يوميًا.
- يتواجد الإريثريتول بشكل طبيعي في مجموعة متنوعة من الفواكه وبعض الأطعمة المخمرة. ويوجد تجاريًا في العديد من المنتجات الخالية من السكر مثل العلكة والحلويات والمشروبات الغازية ويستخدم بشكل شائع في اليابان. والإريثريتول غير قابل للتخمير، وليس له أي تأثير معروف على الكائنات الحية الدقيقة في الأمعاء. وقد ثبت أنه يحسن تحمل الجلوكوز ويقلل معدلات السمنة والتهاب الأمعاء. ومع ذلك، تشير الأبحاث إلى أن المستويات العالية من الإريثريتول المنتشر في الدم يمكن أن تساهم في زيادة معدلات الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية عن طريق تعزيز تراكم الصفائح الدموية وتطور جلطة الدم، ولذلك يجب استخدامه بحذر.
تقديم المشورة للمرضى لتقليل تناول السكر البديل:
على الرغم من أن بعض البدائل قد تؤثر بشكل إيجابي على الميكروبيوم، إلا أن المرضى يرون أفضل النتائج مع فقدان الوزن، والتحكم في نسبة السكر في الدم، وتقليل الالتهاب عن طريق الحد من السكر والامتناع عن بدائل السكر تمامًا.
ويمكن أن يصاب المرضى بالإحباط بسهولة في البداية، لأن بدائل السكر الأكثر إشكالية هي تلك المتوفرة بسهولة في محلات البقالة والمطاعم والمقاهي وفي مشروبات الحمية. ومع ذلك، فإن تقليل تناول السكر يمكن أن يزيد من احساس التذوق بطعم الحلاوة.
وقد وجدت إحدى الدراسات المنشورة في المجلة الأمريكية للتغذية السريرية أن المشاركين حين خفضوا تناول السعرات الحرارية من السكريات البسيطة بنسبة 40% وجدوا أن طعم الأطعمة المحلاة بالسكروز شديد للغاية وفضلوا نكهة الخيارات منخفضة السكروز فقط بعد شهرين من الدراسة.
وباتباع هذا النهج التدريجي لتقليل تناول السكر بشكل عام بدلاً من استبدال بدائل السكر يمكن أن نعالج بشكل أفضل نسبة السكر في الدم ومخاوف زيادة الوزن دون استبدال ارتفاع نسبة الجلوكوز في الدم بزيادة الالتهاب المعوي وخلل التنسج المعوي.
ومن خلال معالجة السبب الجذري، وهو تفضيل المريض للحلويات، يمكننا معالجة الصحة العامة بشكل أفضل ومنع الإصابة بمقدمات السكري ومتلازمة التمثيل الغذائي، أو حتى منع تطور مرض السكري تمامًا.